مـن يقـاوم اجتياح المخـدرات لشباب لبنـان.
د.نسيب حطيط
يتعرض لبنان لحرب باردة تمتد على جبهة الطوائف والأحزاب والمستقلين ،سلاحها المخدرات القاتلة والمدمرة للأسرة والمجتمع.
يتزايد عدد المدمنين على المخدرات وحبوب الهلوسة ،خاصة في فئة الشباب بين16و24سنة في الجامعات والمدارس والأحياء العابقة بالحشيشة والهيروين و حبوب الهلوسة أو بعض الأدوية المختصة لمعالجة الأمراضن فتتحول إلى داء جديد كدواءالترامال وحبوب الأعصاب ومعالجة الألم وغيرها.
تتزايد الأعداد والمعالجات غير كافية إن وجدت، والمسؤولية عن مقاومة ظاهرة المخدرات ضائعة بين الأهل والأحزاب والدولة، وتجار المخدرات هم الرابحون فقط ،بعضهم يتمتع بالحماية وبعضهم يستفيد من القصور والتقصير، لقد أعلنت وزارة الصحة أن عدد المدمنين تجاوز24ألفا رسميا بينما العدد الحقيقي يتجاوز عشرات الآلاف ،و أن بعض المجتمعات والأسر المحافظة والمتدينة قد أبتليت ببعض أبنائها ودخلت المخدرات المناطق الآمنة عقائديا وسلوكيا وتعود أسباب هذه الآفة الخطيرة إلى الأمور التالية:
- إنشغال اللبنانيين منذ سنوات بالجدل السياسي العقيم حول مفردات ومصطلحات مكررة في التلفزيون والإذاعات والجرائد وحتى في الإحتفالات ، وتم إهمال الجانب الفكري والديني والأخلاقي والإجتماعي والسلوكي، وتغاضت الأحزاب عن سلوكيات عناصرها نتيجة الحاجة إليهم دون الإلتفات للنوعية لمواجهة الآخر، وانهارت البنى العقائدية للأحزاب وحوصرت هيئات المجتمع المدني من القيام بأي عمل إجتماعي إرشادي أو فكري بحجة الخوف منها لمواجهة الأحزاب المسيطرة في كل طائفة سياسيا.
- تراجع الدور الإجتماعي والأخلاقي للمؤسسات الدينية ولرجال الدين الذين إلتحقوا إراديا بالأحزاب والزعماء أو منعوا من ممارسة دورهم أو تلكأوا في القيام بواجباتهم ،ورأوا ان الدنيا والجاه يكون بالتصريح اليومي السياسي واللقاءات السطحية ، وأهملوا الجانب الديني ،وصار لكل شيخ مسجده ومجمعه الخاص ، لتأتي الناس إليه ولا يذهب إليهم، والأسوأ من ذلك أن سلوكيات البعض قد أدت إلى نفور الجمهور، ولسان حاله (إذا كان الدين كذلك فنحن أفضل منه على الأقل لا نكذب على الله ولا نتاجر بالدين).
- تقصير الإعلام المرئي والمسموع في البرامج الإرشادية والتوعية الإجتماعية ،حيث لا تتجاوز مدتها ساعة في اليوم في مجتمع يغرق بالتحريض الطائفي والسياسي ،والبطالة والفقر ويعيش حالة الخوف الدائم من المستقبل أمنيا وإقتصاديا مما يعرضه لأمراض نفسية تدفعه للهروب من الواقع عبر المخدرات.
- توفر ابواب التجارة والجذب والمشاهدة عبر الفضائيات ووسائل الإتصال الإجتماعي.
- تقصير الدولة وأجهزتها على مستوى مراكز العلاج التي لا يوجد أي مركز رسمي في لبنان ما عدا بعض المراكز الخاصة ، فالتجار أحرار ، وصغار المدمنين في السجون التي تتسرب إليها المخدرات وتحولت الى مراكز للإدمان.
ولأن الظاهرة تجاوزت الخطوط الحمر ،خاصة في الجامعات والأحياء وإذا عرفنا أن تكلفة معالجة المدمن يوميا تتراوح بين60-500دولارا أي بمعدل حوالي260دولارا مايقارب الحد الأدنى للأجور و أسعار المخدرات إلى ارتفاع مما يؤدي إلى إنحراف المدمنين لسلوكيات منحرفة كالسرقة لتأمين المال أو الإنحراف السلوكي للفتيات وضياعهن مقابل تأمين المخدرات، مما يعني تدمير المجتمع وضياع أبنائنا وبناتنا ،ومسؤولية المعاجة جماعية عبر الأمور التالية:
- إلزام الأحزاب والزعامات والقوى الرسمية بعدم تغطية أي تاجر مخدرات والمساعدة لإلقاء القبض عليهن مهما كانت عشيرته أو طائفته أو علاقاته الحزبية أو الرسمية أو تبرعاته(الخيرية)!!
- إلزام المؤسسات الإعلامية لزيادة البرامج الإجتماعية الإرشادية ضد المخدرات وغيرها من السلوكيات الأخلاقية المنحرفة.
-
- البدء بحملة متخصصة في الجامعات الخاصة والرسمية والثانويات بالتعاون بين وزارة الصحة والشؤون الإجتماعية والمنظمات الأهلية والأحزاب لمعرفة الواقع بشكل حقيقي ومساعدة المتورطين بالمخدرات ضمن الطرق الطبية والعلمية الهادفة، فالسجن لا يحل المشكلة بل يزيدها.
لقد هزمنا العدو على حدودنا ... فهل يهزمنا في الداخل ؟